فلسطين الوطن Admin
المساهمات : 195 تاريخ التسجيل : 25/04/2009 العمر : 45 الموقع : www.palestinehomeland.yoo7.com
| موضوع: أما بعد بقلم الصحفي : محمود عكاشة السبت أبريل 25, 2009 12:03 pm | |
| أما بعد بقلم الصحفي : محمود عكاشة ماذا بعد .......
غزة في وقت الظهيرة تمتزج كل أصواتها بصوت مولدات الكهرباء التي لم تعد تزعج ساكنيها فقد ألفتها أسماعهم كما آلفو كل مخلفات الحصار المفروض علينا من سنين لم أعد أعدها ...... في كل صباح و في طريقي للعمل أرى البأس والشقاء يرتسم على معالم المدينة المنسية من متن الكتاب , أراه في وجه الشمس وعلى جدران المنازل المهدمة وفي ركام المساجد , ألمحه جلياً في يد طفل يبيع اللاشيء على إشارات المرور , و أتوه لسنين في وجه الكهل الذي يفترش الأرض يتوسل نظرة العطف من المارة أضيع في خطوط وجهه التي تشبه حبال الخيام التي ما إن نخرج منها حتى نعود إليها وأرى نصوص التاريخ المر في حدقة عينه المتعبة أمضي في طريقي لتتشابه المشاهد , كذلك كل شيء في غزة مر لدرجة التخدر ..... مدينتي أمست مسخ مدينة احتملت لحد اللامعقول لا أدري هل نحن صابرون أم أن قلوبنا لم يعد فيها متسع للحزن , و ربما الجفاف وصل حتى إلى ينابيع مشاعرنا فالحب في غزة لم يعد حباً ولا السعادة سعادة , حياة مجردة تماماً من الألوان , أشجار تترنح مع الريح وكأنها تبحث عن صدر تلقي بهمومها عليه , الطيور التي كانت تشدو يوماً باتت تنوح , حتى لو اغتنمت لحظة في غياب الحراس لترتاح فراحتك ممزوجة دائماً بترقب المجهول .... في كل مرة تزيد الضربات فيها تعللني نفسي قائلة لم يعد أشد مما أنتم فيه وفي كل مرة أكتشف زور كلامها فنواجه الأشد والأمر والأقسى ... أطرقت وأنا جالس على الشرفة أنظر إلى السماء فتذكرت جدتي عندما كانت تحدثني بقصص الغابرين وأنا أنظر لوجهها الذي ترتسم في تقاسيمه شجرة الزيتون ...
أذكر أن جدتي حدثتنا عن شيخين لقرية تقع بين جبلين عظيمين أحدهما كان يلبس عمامة بلون زهرة عباد الشمس والآخر بلون أوراق الشجر وحدثتنا عن خلاف دار بينهما على زعامة القرية فتناحر الأخوة وتخاصما ثم اعتلى كل منهما جبل وراح يرمي الآخر بالسهام لكن السهام لم تكن تصل بل كانت تقع على أهل القرية فتقتل من نقتل وتجرح من تجرح استمر الخلاف أيام كأنها سنين نزل بعدها الشيخان ليجدا أن أهل القرية قد ماتوا جميعا مر بهم قطاع طريق فاجتزا رأسيهما وعلى باب القرية علقت الرؤوس فكان الناس يتطيرون بهذه القرية و يجتنبون أن تكون في طريق أسفارهم ....
وأذكر أيضاً عندما كانت تحدثنا عن النبي العربي محمد (ص) وان الله أنزل عليه القرآن باللغة العربية تكريماً لها ولم ينزله لا بلغة الرومان ولا الفارسيين ......
وفي كل مرة كانت تنهي كلامها بدعاء أذكره حتى اللحظة ... يا مسمع الأصم ويا هادي العاصي ويا مغير الأحوال الغيث الغيث الغيث الغيث | |
|